أرشيف لـجانفي, 2015


الحكمه .. فوات الآوان

فكرة المقال مقتبسه من فيلم (Poker Night) للكاتب والمخرج Greg Francis

هناك مشكله مع الحكمه, إنك تحصل عليها فقط بعد فوات وقت حاجتك إليها, إنها لا تساعدك ف الوقت الحاضر ولكنها تعلمك بما يكفي لمساعدتك ف المره القادمه !

أنا أتكلم عن الحكمه من النوع التي تأتي م خبره, ذلك النوع الذي يخبرك أنه إذا أرادت زوجتك دفعك للعمل ف نوبه ليليه, فهناك سبب ما لذلك, وللدفع سبب إحتماله اكبر يكون ثمنه الخيانه.

أما فوات الآوان فهو مثل النظر ف مرآة الرؤيه الخلفيه التي توجد ف سيارتك, لا تستطيع رؤيه ما ستمر من خلاله إلا بعد أن تتجاوزه !

فـ بإختصار .. الحكمه بعد فوات الآوان لا تفيدك اليوم, ولكنها فقط تفيدك غداً, ولكن غداً هو يوم بعيد.. واليوم..حسناً.

اليوم عاصفة لعينه قد لا تتمكن م النجاة منها, لذا دعني آخذك للبدايه, لأنها الطريقه الوحيده لتحصل ع الحكمه التي ف قصتي هو النظر إليها بعد فوات الآوان.

قبل ان أحكي لك قصتك فهي ليست قصتي وحدي, فإليك بذلك…

قد تدفعك الحياه إلي مقاضاة كل صاحب كلمه هاجمتك او نالت منك لتثأر لنفسك, وقد تدفعك إلي ما هو أكبر: مهاجمته حتي لا تكون مستودع لتجهمات الآخرين ومهبط لكلامهم.

الجمله السابقه نسق جميل ولكنها لا تعبر عن الحكمه ف شقها الأول ع الأقل, وإيمانك بأن ما لا يقتلك ببساطه يجعلك أكثر غرابه فهي حكمه أكثر منها جمله.

معنى الحكمه التقليدي وضع الشيء ف موضعه, وهذا غير كافي لفهم ماذا تعني الحكمه بالنسبه لغير حكيم او لشخص عادي ذكاءه ومعرفته وإرادته لم يكن له نصيب وفير منهما محدوده, وذكر الله تعالي قوله ف كتابه الكريم { يُؤْتِي الحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ } [البقرة : 269]

قالوا:

ان الحكمه مكونه من ثلاثه اشياء (الذكاء, المعرفه, الإراده) الذكاء بمفرده لا يجعل الإنسان حكيماً, كما ان المعرفه دون ذكاء تجعل إستفادة صاحبها منها محدوده, وتجعل وظيفته مجرد الحفظ والنقل دون التمكن من غربلة المعرفه والإضافه إليها, وأن المعرفه دون ذكاء تؤخر ولادة الموقف الحكيم, وتجعل الواحد منا ياتي بعد الحدث بسبب ضعف البداهه.

نترك الإراده لحظه وسنعود لها قريباً.

لنفتح بابٍ جديد ونربط به ما سبق وف حاجه لإثباته بمواقف سابقه, وما أنسب م “ثورة 25 يناير” من مثل مناسب يُضرب به, فهذه قصتي او بمعني اشمل قصتنا التي ننظر إليها الان بعد فوات الآوان. (لو عايز تفهم اكتر او اقصد ايه؟ ارجع أقرا المقدمه لو تُهت).

بدون لوم .. فقدان الحكمه بمكوناتها الثلاثه سبب وصولنا لما نحن عليه الآن, (فلاش باك) سريع للأحداث السابقه.

يقف معك القليل لمجرد كلمه انا ضد, ع الرغم بإتهامهم لك ف البدايه بأنك عميل وخائن, بذكاء م الأخرين ومعرفة يدعموا الكلمه بعد معرفة خطأ ما قد نُسب سابقاً, بقي عامل واحد لتحقيق شرط الحكمه والنجاح .. الإراده, والحق وجدت لكنها وجدت منقوصه (الخبره) التي إذا مزجتها بكل عنصر من العناصر السابقه لسوف تخلق منك شخص يستطيع ان يرى ما سيمر به قبل أن يتجاوزه, ولذلك نقول لم تكن عندنا الحكمه الكامله للمرور بالثوره الاولى –مقصوده هنا كلمة ثورة الأولي لأن الثانيه لم تأتي بعد– الي طريق النجاح, لذلك اشُفق علينا, ولهذا مرت الأيام والأصوات تتعالي والأقنعه تسقط واحده تلو الاخرى, المصالح تتجمع ف منتجعات وع موائد مشروبها الرسمي الدماء, فيحمل القضيه غير المؤهل لها, وينادي بالحق من يأكله, ويثور الظلم ع المظلوم لأول مره بعد جمع الغنائم, والشر لم يتقاسم الطريق مع الخير, فسرقوا فرحة اعظم إنتصاراً, وإقتداءاً برماة أحد لا بـ رسولها (صلّ اللّه عليه وسلم) ضللنا الطريق بترك الميدان, كنا كالنعاج ف القطيع, سرنا ع نغمات طبل شخص آخر, في حين كان هوا يجمع الغنائم, فضلاً عن لقبك الجديد (بلطجي), إستغرقنا وقتاً طويلاً.. والصمت كان جزءً من الأمر .. ودفعنا ثمن الحصول ع العداله ولكن لم نحصل عليها بعد .. لكن !

كل هذا أنجب خسائر فادحه, وسببه معروف, مشكلتنا مع الحكمه, إننا نحصل عليها فقط بعد فوات وقت حاجتنا إليها, إنها لا تساعدنا ف الوقت الحاضر ولكنها تعلمنا بما يكفي لمساعدتنا ف المره القادمه !

وعدم إيماننا بأن قمة المجد إنحداره .. إنحدرنا

لا أحد ينكر حصولنا ع فرصتنا لا احد يقول ذلك, كان إختيارنا الأول (الثوره الأولى) أكثر هدوءاً وأكثر عقولاً, ولا احد يلومنا لأننا أخطأنا لأننا بالفعل نلوم انفسنا, ونحاول ان نصلحه بأساليب تتقارب مع مفاهيمكم لمعنى الفوضى وفلسفتكم المنطقيه للعيش بلا قوانين.

كان بإمكاني رؤية كل ما ف السابق لو كان عقلي يعمل, لكنه ليس كذلك.

فـ السباق لا يفوز به الأسرع دائماً! ولا يهم عدد المرات التي أردد فيها ذلك, ولكن الحياه ليست بهذا السوء بل أسوأ بكثير وهذه القذاره هي الحياة الواقعيه التي نعيش فيها, ولم ننتهي بعد, ليس من اول ضربه, ولكي نفعلها بشكل صحيح المرة القادمه (الثوره الثانيه) .. يجب النظر إليها بعد فوات الاوان وعندها كل شيء سيتغير !

 ع الحميد سمير©